و لا يغـرُرْك قـومٌ قد تلهّـــوْا *** بدنيـاهـم فـأكـثـرهــم غــثـــاءُ
و ليس لهم سوى التقليد نهجٌ *** عـليـه تعـوّدوا و إلـيــه فــاءوا
رأوه مــن الديــانة و ادّعَــوْهُ *** كــمـالاً في اتـــبــاعٍ لا يُـســاءُ
لسانُ الحال منهم بل و قالـوا *** مع العلمـاء نذهب حيث شاءوا
فهُمْ منظــارنا في كل خطبٍ *** أصابوا الحقَّ أم شطُّوا و ناءوا
و إن قلتَ الدليل رمَوك فورًا *** جـــريءٌ قـد أخلَّ بك الحيـــاءُ
كأنّ رحى الزمان قدِ استدارتْ *** وبالتـقلـيد قد رُفِـعَ اللّــــــواءُ
فـلازمْ باجــتهادٍ أخــذَ عـلــمٍ *** و لا تكسلْ ففي الكسل انتفـاءُ
و من كلّ الفنون اضبط أصولاً *** فإنّ فروعــها كــثـرَتْ عيــاءُ
و لا تركــن إلى حــذقٍ و فهمٍ *** و زكّ العلم و العمل الزكـــاءُ
من الطاعات أكثر كل حــيــنٍ *** و قــوّ الحفظ فالحفظ اعتــلاءُ
و صحّــح نـيّـة شغـلت رجالاً *** و كـان لهم بها دومــًا عنـــاءُ
فـذا الثوريُّ عالجـها شـديــدًا *** فـتصفـو مــرّةً و لها الـتـــواءُ1
و هــذا دأبــهم تـأديب نــفسِ *** عــلى الإخـلاص كان الأتقياءُ
فـقـوّمْها عــليه مع افـتـــقــارِ *** فـإنّ فـســادها لـهُــو الشقــــاءُ
و لا تأمــن عـلى نفس ريــاءً *** فـهـل بعد الغـرور يضــرُّ داءُ
و أكـثـر مـن دعـاء الله دومًا *** سـلاحُ المؤمـن اعتقدِ الدعـاءُ
و مـن فـتـنٍ فـلا تضجر فحتمًا *** و إن طال الزمـان لها انتهاءُ
و سـنّـةُ ربـّنـا اقتضت ابتلاءً *** و يـمـضي ثـمّ يعـقـبه بــــلاءُ
و هـذا رحمة لــو كنت تدري *** مـن الـرحمــن بالعبد اعتنــاءُ
لــيـبلُـوَه عـلى الأعمـال هـلاّ *** قـدَ احسن أم له عملٌ مُســـاءُ
و مهما كان في الفتن انشغالٌ *** فـفـيها بـعـده يـجـلو انـتـمــاءُ
و يـُعْرَف حينها السَّلفيُّ حقًّا *** مِـنَ الخَـلَفِـيّْ لا يـبقى ادّعـاءُ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1/ أخرج أبو نعيم في الحلية بسند حسن عن الثوري أنه قال: ( ما عالجت شيئا قط أشد عليّ من نفسي، مرة عليّ و مرة لي) و أخرجه الخطيب في الجامع و لفظه: ( ما عالجت شيئا أشد عليّ من نيتي، إنها تقلّب عليّ ) وفي سنده ضعف لكنه يتقوى بما قبله. و صح عنه عند ابن أبي حاتم في الجرح و التعديل أنه قال: (السرائر السرائر ).