تعليق على فهم سقيم لحديث: "ذاك صريح الإيمان"

تعليق على فهم سقيم لحديث: "ذاك صريح الإيمان"

بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه أمّا بعد:
رأيت اليوم منشورا معلنا عنه ممولا له! في الفيسبوك من بعض المدونين ولا داعي لذكر الأسماء فإنّ الله تعالى يُخلّد ذكْرَ من شاء من عباده، ويذهب الكثير بذهاب نسماتهم من الدنيا.
كان المقال تبريرا للإلحاد ومجادلة عنه بالباطل واستدلالا بأدلة هي كما قال شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله تعالى: "وهكذا أهل البدع لا يكادون يحتجون بحجة سمعية ولا عقلية إلا وهي عند التأمل حجة عليهم؛ لا لهم" [مجموع الفتاوى: 254/ 6] فكثير جدا من الأدلة التي يزعم الملحدون أو المشككون في السنة أنّها تؤيدهم هي في الحقيقة ردّ عليهم، وكان الذي دعاني لكتابة المنشور هو حديث في صحيح مسلم استدلت به صاحبة المقال المبرر والمجادل عن الإلحاد والشك، وها هو الحديث:
قال الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه برقم: (132): حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلُوهُ: إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ، قَالَ: «وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ؟» قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: «ذَاكَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ» [صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان الوسوسة في الإيمان وما يقوله من وجدها، 119/1]
قالت صاحبة المقال: " إن هذا الصراعُ الداخلي هو -في نظري- دليلٌ حياة قلب، كما جاء في الحديث تعليقاً على شكوكٍ تعرضُ لبعض المؤمنين "ذاك صريح الإيمان"، إنه إيمانٌ يتململُ، ويقينٌ قلق يريدُ أن يستريح عقلياً فقط."
قلت: انظر أخي القارئ كيف جعلت قوله صلى الله عليه وسلم: "ذاك صريح الإيمان" وصفا لشكهم أو وسوستهم أو غير ذلك مما خطر في قلوبهم فقاموا بتعظيم أن يتكلم به أحدهم! كون قلوبهم آمنت بالله تعالى وأيقنت به سبحانه فيتعاظمون أن ينساقوا إلى وساوس أو خطرات قد يكون التلفظ بها من أعظم الأمور، فزكّى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم هذا التعاظم منهم وأنّهم لم ينساقوا إلى ما اختلج في صدورهم من شك أو وسوسة أو غير ذلك من خطرات فقال: «ذَاكَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ»!.
والآن سأنقل من كتب تفسير صحيح مسلم ما تيسّر من شرح العلماء الذين هم أعلم من هذه الكاتبة باللغة العربية، وأعلم منها بعلم الحديث وإعجازه!، وأعلم منها بالتفسير، وأعلم منها بالفقه وأصوله وإلخ من العلوم التي ما خطرت على بال كثير من الملحدين والمشككين ومن إليهم، وما علم المساكين أنّه لا يمكنهم الكلام في القرآن وسنة رسول الرّحمن برأيهم السّمج وتفسيرهم السذج لأنه منطقيا كلام شخص جاهل باللغة جاهل بعلوم الآلة التي تؤهّله للاجتهاد مع النّص، فأقول وبالله التّوفيق: