ابن الجزريِّ وانتسابه للسَّلفية

ابن الجزريِّ وانتسابه للسَّلفية

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم

الانتساب إلى (السَّلف) أو (السَّلفية)، ليس بدعًا من القول، وليس نعرةً من نعرات الجاهلية، ولا حزبًا من التَّحزُّبات السِّياسية، بل هي نسبة شرعيَّة إلى ما كان عليه (السَّلف الصَّالح) من القرون المُفَضَّلة ومن مشى على طريقهم ممَّن جاء بعدهم، وقد انتسب إلى هذه النِّسبة غير واحدٍ من العلماء المتقدِّمين ومنهم الإمام: ابن الجزري(1)، محمَّد بن محمَّد بن محمَّد بن علي بن يوسف المُتَوفَّى سنة: (833)، صاحب التَّصانيف البديعة الَّتي سارت في الآفاق، كـ: (الجزريَّة) وهي المُقَدِّمة فيما يجب على قارئ القرآن أن يعلمه، والنَّشر في القراءات العشر -ونظمه وتقريبه-، إلى غير ذلك ممَّا سارت به الرُّكبان وشاع ذكره في سائر البُلدان، قال رحمه الله تعالى في: منظومة (الهداية في علم الرِّواية)، من مجموعٍ بمكتبة تشستر بيتي بدبلن أيرلاندا برقم: (4809، ق:72-82) نسخها: محمَّد بن محمَّد بن محمَّد القرشي الطبندي الشَّافعي سنة: (862):
يقول راجي عفو ربٍّ رَؤُفِ *** محمَّدُ بن الجزريِّ السَّلفي
قال السَّخاوي رحمه الله: في شرحه المُسَمَّى: (الغاية في شرح الهداية، ص:57-58):
([والرؤوف] هُوَ الرَّحِيم بعباده العطوف عَلَيْهِم بألطافه، والرأفة فى الأَصْل أرق من الرَّحْمَة قَالَ فى " الصِّحَاح ": هِيَ أَشد الرَّحْمَة، قَالَ ابْن الْأَثِير وَلَا تكَاد تقع فى الْكَرَاهَة بِخِلَاف الرَّحْمَة فقد تقع فى الْكَرَاهَة للْمصْلحَة وَهُوَ فى النّظم كَرجل وَبِه قرئَ فى السَّبع قَالَ جرير:
(يرى للْمُسلمين عليه حَقًا ... كَفعل الْوَالِد الرَّؤُفِ الرَّحِيم)
وَلَا يتزن بإشباعه، [قلت: وقد وقع في إشباعه بعض من حقَّق المنظومة وشرحها!] واختصاصه بِالذكر دون غَيره من أَسمَاء الْجلَال وَالْعَظَمَة هُوَ الْأَنْسَب...
ثُمَّ قال رحمه الله:
و[السّلفي] بِفَتْح الْمُهْملَة وَاللَّام وفى آخرهَا فَاء نِسْبَة إِلَى السّلف لانتحال مَذْهَبهم وَنَقله، وَقد انتسب لذَلِك من الروَاة جمَاعَة مِنْهُم من الْمُتَأَخِّرين الْأُسْتَاذ أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن عمر بن إِبْرَاهِيم الجعبري الخليلي، فَإِنَّهُ كَانَ يكْتب ذَلِك بِخَطِّهِ وَسُئِلَ عَنهُ فَقَالَ: نِسْبَة إِلَى طَرِيق السّلف سلفيا، بِضَم الْمُهْملَة، وسلفيا بِكَسْرِهَا أَيْضا، لَكِن مَعَ سُكُون اللَّام). اهــ
أعدَّه:
أبو أحمد ضياء التبسي
20 شهر الله المحرَّم سنة 37
__________________
(1) على ما عند ابن الجزري رحمه الله من مخالفاتٍ لعقيدة السَّلف أصحاب الحديث، من التبرُّكٍ بالدُّعاء عند قبور الصَّالحين كما في ترجمته -رحمه الله- لعبد الله بن المبارك: (446/1) وللشَّاطبي: (2/23) في كتابه غاية النِّهاية في طبقات القرَّاء وذكره أنَّه تبرَّك بقبريهما، ونقل عنه القاري كذلك التَّبرك بقبر الإمام مسلم رحم الله الجميع، وغيرها من المخالفات فليُنتبه لهذا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق